مقتطف من ورقة تقديم للمجموعة القصصية "أيام بوسنية" للناقد السوداني أحمد الفضل أحمد

مقتطف من ورقة تقديم للمجموعة القصصية "أيام بوسنية" للناقد السوداني أحمد الفضل أحمد:
" توافقنا في لجنة تحكيم (الدورة الثامنة) للعام 2018م وبإجماع كامل علي فوز المجموعة القصصية (أيام بوسنية) بالمرتبة الأولى ... وفي أمسية إعلان النتيجة علمنا أخيراً أن الفائز هو تلك الشابة المغربية التي تقاطعت مع توقعاتنا وخيالنا في أن الفائز لابد وأن يكون كاتبا له خبرة واسعة في الكتابة وعلى قدر ما حملت المجموعة من تميز ونضوج في الصدق الغني والتوثيق لمشاهد الحرب الأهلية الرهيبة التي اندلعت بعد غياب (المارشال تيتو ) الذي كان يدير ذلك التنوع الفيدرالي بمهارة ... وتوافق .. .
كانت تفاصيل الإحاطة في دوائر الزمان والمكان تجعل القارئ الذكي يلهث وراء تلك الومضات الكاشفة لصور الوقائع المتفجرة على الطبيعة في تجلياتها الإنسانية المؤلمة حين تتحول البشرية لوحوش كاسرة تلتهم وتتجاوز الخيال ... وكان سطوع العبارات في اختراق الأعماق وانثيال السرد بسلاسة مع الطبيعة والجغرافيا ... وقد تفوقت ـ الكاتبة ـ بجدارة علي نفسها ... وتلك مغامرة جريئة في الوعي والإلمام الكافي في الإحاطة (بالموضوع الكبير)
وكانت المعالجة بجزالة سردية وحبكة متينة الغزل والنسيج ودون إسراف في عمارة بنيان النصوص الواردة وهذا المنجز إبداع إنساني يحمل صفة العالمية وقد استوفى كل الشروط الواقعة والمتخيلة بحجم الدهشة ...!
هذا عمل يحمل وثيقة دامغة في ظاهرها وباطنها المحسوس ... وحتى منذ بداياته ونهاياته في لقطات سينمائية متصاعدة للذروة
 ..
والكاتبة متلبسة برقابة دقيقة وشعور رهيف السمع والبصر على حجم السرد التاريخي ودون أن تشعر بضجر وإملال في الحكي عن الوجع الغشيم .. وتلك العذابات الفظيعة ... وليست هنالك شطحات تقريرية ...
سيلتهم القارئ كل ذلك بكثير من الحراك والتعاطف ويجد نفسه في موقع منحاز ومصادم لمواقف مؤثرة مع الطفولة والعجزة والبسطاء .. والبراءة..
وتلك وثيقة ضد البطش والإرهاب والقمع والإبادة ذاك الذي يقع بين فكيه الأقليات والجماعات المختلفة ثقافيا وعقديا وعرقيا ... وهذا ما يجري في التاريخ المعاصر ... القارئ الناشط الدؤوب يبحث عن نص بديع في الكتابة المستحدثة التي تتجاوز ما تعارف عليه قبلا .. (وقصة ) هذا الزمان تكسب أساليب متجددة ومنفتحة في الرصد والتأويل والتشكيل وبدون موانع وقيود....".

تعليقات