حب بطعم.....(قصة قصيرة)

تحزم حقيبتها الصغيرة بكسل، تسافر إلى هناك... تحضر اللقاءات، مرة تشارك ومرة أخرى تشرد بعيدا وتنزوي في ركن مقهى بارد، التقت نظراتها بشخص يجلس في زاوية هناك وبين أصبعيه سيجارة تحترق شوقا لشفتيه...
نظراتها على كتاب تجهل عنوانه، تشرب فنجانها وتخرج بحثا عن كتاب.... بين أروقة الكتب، يلتقيان من جديد... يبتسم بدفء مرحبا...
في المساء، ذاته يُجالسها في ذات المقهى، تحدثه بحذر امرأة قادمة من أرض الصحراء، بواحة خجل ونخيل وقار، مسيّجة بالحذر من كل غريب...
يتقدم النادل منهما، تطلب كأس شاي ويطلب فنجان قهوة سوداء... يشرع في الحديث عن الشعر والسرد معا... بإيقاع شعري يشد الانتباه.
- لمست في صوتك إنجراحا ووجعا... ما سببهما...؟
تبتسم دون رد ويُتابع:
- وفي عينيكِ حزن عميق.
- وفي عينيكَ الحزن ذاته.
- قسمات ملامح وجهك جذبتني؟ من يعرف تفاصيل قسمات وجع مرسوم كخريطة وطن جريح يبتعد ويتوارى في الغياب..؟
تصمت... يمد يده مودعا على أمل اللقاء... تمد يدها ويتركها لبعض الوقت في يده، قبل أن تسلّها بلطف... وحشمة مصطنعة.
كثرت لقاءاتهم على أرصفة المدينة، وعلى جنبات الحلم... تعاهدا على حب وحياة...
كل أسبوع، على الغداء يسمعها شعرا وأحلاما بطعم رائحة شجر الصبّار.. يحكي عن وطن جريح عن اعتقال أمل وسحل حلم... عن وعن... تدمع عيناها للذكرى وللمستقبل... يتأسف للدمع المتدفق... يعدها بالأفضل... يأخذ نفسا من سيجارة احتضرت بين أصابعه وينسي تقبيلها في لحظة هاربة... يغازل سيجارته بدفء أنامل من يغازل أثناه...
تعلقت ذاكرتها بأهداب الأرض السمراء، النازفة هناك، وكلام عن حياة مشتركة وأحفاد...
ذات يوم ضبابي يعترف بأنه من ضحايا ألغام الوهم التي دُست في الظلام بأرض بكر فدنست نقاء عمقها... يقرر الرحيل، بمباركتها...
يصمت وينفث من سيجارته المحترقة دخانا كثيفا ضبابها يحجب الوجوه. لم يعد يرى إلا وجوها تئن من جراحها هناك بعيدا...
رحل ذاك المساء الشاحب مودعا رفاق دربه على أمل اللقاء قريبا... ألحت على مرافقته... ودعها بحرارة عاشق طالما أخفى عشقه خوف البوح والإكتشاف والتورط في عشق تكتشفه امرأة فاتنة...
ارتشف بدفء شفتيه دمعة حارقة منسكبة على خذها الشاحب، لمس دفء أنفاسها وعطرها الآخاد، وابتعد كي لا يضعف أمام عبق رائحتها وحرارة دمعها المسكونة بدفء أنفاسه. حين عانقها تمنت أن تنصت إلى خفقان قلبه الثائر...
ليتهُ عشقها بقدر عشقه للوطن. قبّل جبينها ورحل... مسحت دمعة... فرحت لعشق يختبئ بين دفء أنفاسه وفي عمق حرارة عناقه، ورائحة عطره المتناثرة على شعر بلّله دفء قبلاته...
ابتسمت، مُلِوحة بيد، حتى توارت ملامحه، فداعب الدمع خذها دون استئذان...
التفتت إلى يمنيها، وجدت ابن جيرانها بسيارته، أومأ لها برأسه... بابتسامة تمنع، صعدت السيارة إلى ليلة ماجنة...

سعيد تيركيت
-------------
و ما زال في القلب حكاياااااااااااات...

تعليقات