النفاق الاجتماعي



الزهرة الزاكي- طالبة باحثة

هناك العديد من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي أصبحت تفكك مجتمعنا، ظواهر خبيثة جدا وجدت ضالتها ومكانها عند الكثير من الناس الذين تخلوا عن مبادئهم وأخلاقهم في سبيل البحث عن الماديات، ومن أكبر الظواهر وأخطرها آفة ” النفاق الاجتماعي ” التي أصبحت تدمر كل شيء جميل في أخلاق الإنسان، وتمحي ما تبقى من ضميره.
أصبحنا اليوم نعيش النفاق في كل أمور الحياة، نفاق بين المحبين رغبة في الزواج أو قضاء حاجة، نفاق في الصداقات، فالكل يجري وراء مصلحته، نفاق في الأخلاق وفي المعاملات وفي كل شيء، حتى أصبح  البعض يصدق نفاقه ويعتبره حقيقة وواقع لا بد منه.
إن العالم العربي لن يخطو إلى الأمام بتاتا ولن يرقى إلى أي مستوى وهو يعيش النفاق في كل المجالات، وأكبر نفاق يعيشه هو في بعض إعلامه المتدني، الإعلام الذي يتغنى طوال السنة بـ ” كلشي زين “”، فهل هذا الإعلام هو من سيرتقي بهذا الوطن، ويعالج هموم وآلام وآمال المواطنين، ومعاناتهم ومشاكلهم وانتظاراتهم المستقبلية.
في اعتقادي أن الإعلام والمجتمع على حد سواء مدعوان لإعطاء صورة حقيقية عن واقعنا المعاش بدون تزييف ويعالج تلك الحقائق بدون خلفيات ليعطينا حلا، ولن يتقدم هذا الإعلام أبدا مادام فقط حاملا للشعارات الواهية وكأنه سلحفاة حاملة بيتها على ظهرها وتتقدم ببطء شديد للثقل الذي تحمله، وهكذا فمجتمعنا سيظل فقط حاملا للشعارات الثقيلة التي تتقل كاهله بدون أي تقدم يذكر.
قمة النفاق والوقاحة  أن بعض الأقلام والسياسيين لا تهتم بفساد القضاء ولا بفساد الرشوة ولا بفساد الغش في السلع أو الامتحانات ولا بتفشي الإجرام ولا بفساد التهرب  الضريبي، بل يرون أن الفساد يتجلى في أغنية الداودية “” عطيني صاكي “” أو بمجرد تنورة قصيرة أو قبلة على صفحات المجلات أو اللوحات الاشهارية.
لا أحد ينكر أن  الشعب المغربي متدين بدرجة كبيرة، ولكننا نعيش قمة النفاق والفساد، فقد حطمنا الرقم القياسي في الرشوة في جميع المجالات حتى أصبحنا أضحوكة العالم،  والأدهى من ذلك أن أكبر المرتشين هم من رجال السلطة بمعنى ” حاميها حرميها “، حتى أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مثقلة بفيديوهاتهم الكارثية.
ومن جانب آخر في مصيبة النفاق الذي نعيشه في المغرب، ما أصاب السياسة المغربية ومنذ زمن بعيد من داء الكذب والفساد، فالسياسة كلها كذب وافتراء وخداع وأكبر شاهد على ذلك حزب ” العدالة والتنمية ” الذي رفع شعار ” إسقاط الفساد والاستبداد ” فأضحى بين ليلة وضحاها يوفر له الحماية، وكل السبل لمحور ملفاته العفنة.
لقد حطم ” مكبوتو “ّ الشعب المغربي الرقم القياسي في اغتصاب الأطفال، ولا تتحرك جمعياتنا ولا منظماتنا إلا عندما يتورط أجنبي في فضيحة استغلال جنسي لأطفال المغرب، نحن شعب الأكثر تحرشا بالنساء والأكثر لجوءا للدعارة، وفي آخر المطاف نرجع فساد الأخلاق لنقص التربية الدينية.
إن الذين يعطوننا دروسا في العدالة الاجتماعية هم أول من يدوس عليها، ومن يعطينا دروسا في المساواة وتكافؤ  الفرص هم أول من يسلكون طرق ” باك صاحبي ” ليتجاوزوا الآخرين، ومن يدعون الوطنية هم أول من تتتلكهم العنصرية والعرقية القبلية.
أخيرا أستطيع القول أننا فعلا شعب يحتاج إلى أن يحاسب نفسه قليلا قبل محاسبة غيره، والمصيبة أن الكل يعرف نفسه منافق لكنه يرفض الاعتراف بها أمام الآخر، لذلك فتصرفات الكثير من الناس متناقضة مع الدين ،لأنه لا يخاف الله بل يخاف العبد، أما الدين فيستعمل كرياء يدعيه فقط أمام الناس.

تعليقات